قرار وزير العمل يلاقي إرتياحاً فلسطينياً... "صحَّح إجحافاً طويلاً"
اثار قرار وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم رقم 96/1 والذي يستثني فيه اللاجئين الفلسطينيين من المهن الواجب حصرها باللبنانيين فقط، المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجّلين بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية مع التقيد بالشروط الخاصة بالمهن المنظمة بقانون، ارتياحاً في الاوساط السياسية والشعبية والنقابية الفلسطينية التي وصفته بالقرار الشجاع الذي صحّح إجحافاً طويلاً.
القرار الذي ترك التباساً كثيراً حول كيفية ترجمته على ارض الواقع، وكأنه يفتح الباب على مصراعيه امام منافسة اللبنانيين في المهن، وهم انفسهم يعانون من البطالة ولا تتوفر لهم فرص العمل، وخاصة في هذه المرحلة التي يئنّون فيها تحت وطأة الازمات المعيشية والاقتصادية والاقفال والافلاس، لم يصدر بالاساس او بشكل خاص لاستثناء الفلسطيني بعينه، بل جاء في اطار صلاحيات وزير العمل الذي يحدّد سنوياً في المادة الاولى "المهن الواجب حصرها باللبنانيين فقط"، غير انه استثنى في مادته الثانية "الفلسطيني والأجنبي الذي تكون والدته لبنانية أو متزوجاً من لبنانية، والمولودين في لبنان من حملة بطاقة مكتومي القيد، مع التقيد بالشروط الخاصة بالمهن المنظمة بقانون".
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ نداء الوطن" ان القرار جاء ليصحّح اجحافاً في كيفية التعامل مع الفلسطيني في لبنان الذي ظلّ محروماً من اكثر من 73 مهنة ومن حقوقه المدنية والانسانية والاجتماعية على مرّ عقود طويلة من الزمن تحت "شمّاعة" التوطين ومراعاة الاوضاع السياسية والطائفية والمذهبية، وهو فعلياً الغى قرار وزير العمل الاسبق كميل ابو سليمان الذي الزم الفلسطيني الحصول على اجازة عمل قبل مزاولة اي مهنة، ومنعه من فتح اي مؤسسة وحتى محل، خلافاً لما كان معمولاً به "غض النظر"، وهو الامر الذي رفضته القوى السياسية والشعبية واندلعت بسببه احتجاجات شعبية في المخيمات لاكثر من ستة اشهر الى ان تم التوصل الى تجميد تطبيق القرار من دون الغائه قبل ان تنطلق انتفاضة تشرين الاول في العام 2019 بأسابيع قليلة.
واشارت المصادر الى ان قرار المنع والسماح يكون عادة لوزير العمل نفسه، ووفق رؤيته السياسية، او مراعاة للواقع اللبناني، اذ ان اللبنانيين انفسهم يعانون من البطالة ولا تتوفر امامهم فرص العمل، وخاصة في هذه المرحلة من الازمة المعيشية والاقتصادية، الا ان رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في لبنان عبد القادر العبد الله (ابو علي الكابولي) قال لـ"نداء الوطن": "ان العامل الفلسطيني لن يكون مزاحماً او منافساً للعامل اللبناني، هذا ان وجد العمل في ظل البطالة والازمة المعيشية التي نعيشها سوياً، لكنه يعطينا فسحة من الامل للبقاء على قيد الحياة الكريمة ريثما تتم العودة الى فلسطين وفق القرار الدولي 194"، مشيراً الى انه "في نهاية المطاف يبقى قراراً موقتاً وقد يتغير مع وزير العمل القادم، ما يدفعنا الى المطالبة بإقراره في مجلس النواب كمرسوم تشريعي وهو مطلبنا في الغاء اجازة العمل".
ومرّت العلاقة اللبنانية – الفلسطينية بمراحل من المد والجزر، من الوئام والاختلاف، ورغم الاعتراف اللبناني الرسمي بالدولة الفلسطينية وافتتاح سفارة في بيروت في العام 2011، الا ان العلاقات الرسمية بقيت "بروتوكولية" ولم تحاكِ مختلف القضايا الساخنة والشائكة، ومنها السلاح الفلسطيني وسحبه خارجه وتنظيمه داخله، كما اتفقت عليه القوى اللبنانية في طاولة الحوار الاخيرة من دون طرحه على الاطراف الفلسطينية، ناهيك عن الحقوق المدنية حيث بقي الفلسطيني لاجئاً ومحروماً من ابسط حقوقه.
ترحيب ودعوة
وأملت القوى السياسية الفلسطينية ان يكون هذا القرار مقدّمة لفتح حوار رسمي لبناني – فلسطيني وصولاً الى إقرار كافة الحقوق المدنية للشعب الفلسطيني في لبنان، تقوم على الحقوق والواجبات وتنظيم العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية والارتقاء بها لما فيه مصلحة الشعبين، سيما وان القضية تتعرّض لابشع هجوم من اجل تصفيتها وشطب حق العودة ورفض التوطين، وهو ما لا يقبل به لبنان وفلسطين، واعتبر حقوقيون ان المطلوب تشريع نيابي او إصدار مرسوم يؤكد على القرار ويلزم الوزارات المتعاقبة فيه، لأن هذا القرار يسقط بانتهاء مدة ولاية الوزير الحالي وهو ما لا نريده تفادياً للعودة الى نقطة الصفر". وقال رئيس المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) الدكتور محمود حنفي لـ"نداء الوطن": "ان القرار شجاع إلا أن ثمة خطوات من المهم أخذها بعين الاعتبار، إن المهن المنظمة بقانون، والتي يُحصر حق ممارستها فقط بالمنتسبين لنقابات المهن وبعد الاستحصال على إجازة عمل من الجهات المختصة (مثل المحاماة، الهندسة، الطب، الصيدلة، الطوبوغراف..) هي مهن لا يمكن للاجئ الفلسطيني ممارستها وهي غير مشمولة بالقرار. ضرورة تعديل قانون العمل 129 بحيث يعامل العمال وأرباب العمل الفلسطينيين المسجلين لدى وزارة الداخلية معاملة اللبناني في الحقوق والواجبات الواردة في قانون العمل اللبناني الصادر عام 1946 وتعديلاته، لجهة حق العمل في كافة المجالات والمهن بإستثناء وظائف القطاع العام، والانضمام للاتحادات والنقابات العمالية، وإلغاء اجازة العمل ومبدأ المعاملة بالمثل، والمساواة في الرواتب والاجور وضرورة تعديل قانون الضمان الاجتماعي رقم 128 بحيث تتحقق المساواة في الحقوق والواجبات بين العامل الفلسطيني والعامل اللبناني".
المصدر | محمد دهشة - نداء الوطن
الرابط | https://tinyurl.com/2p8uaaft