مصرف لبنان يحمي نفسه من أي احتجاج بـ "بلوكات" .. الشارع الصيداوي يغلي على وقع رفع الدعم
على مسافة أقل من شهر للذكرى السنوية الثانية لاندلاع انتفاضة 17 تشرين الاول من العام 2019، تجتاح الشارع الصيداوي تساؤلات كثيرة اليوم، هل يتكرر مشهد الاحتجاج مع بدء الحكومة الجديدة "معاً للانقاذ" برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي رفع الدعم عن المحروقات، وهل يتحرك الناشطون مجدداً، ام سيبقى الامر مجرد اعتراض لا يرقى الى الغضب والنزول الى الشارع، بعد تمرير رفع الدعم تدريجياً مصحوباً باستفحال مقولة "الشعب مخدر" او اصابه اليأس والاحباط؟
يتأفف ماهر الحنش وهو ينتظر دوره وسط طابور طويل من السيارات عند محطة وقود في صيدا، تأخر صاحبها بإعطاء شارة البدء وفتح ابوابها لساعات بعد انتظار صدور تسعيرة الصفيحة الجديدة، ويقول لـ"نداء الوطن": "إرتفعت صفيحة البنزين الى ما يفوق مئتي ألف ليرة لبنانية ولم تحل المشكلة بعد، ما زالت السيارات تنتظر بالطوابير وابواب غالبيتها مقفلة حتى اشعار آخر، يكفي اذلال الناس، غداً سينفجر الشارع الشعبي ولن يرحم أحداً. هذه بشائر الحكومة الجديدة، المزيد من الغلاء وارتفاع الاسعار لان كل شيء مرتبط بالمازوت والبنزين، فيما تبدو عملية خفض الدولار خدعة".
عند محطات البنزين نفسها، تعلو تساؤلات الشارع الصيداوي على مصراعيها، كأنها باتت ساحة الاحتجاج الجديدة، ولكن بطريقة سلمية بلا رايات او اقفال طرقات او اضرام النار بالاطارات، تجمع مختلف الانتماءات والمشارب تماماً كما كانت ساحة الثورة عند "تقاطع ايليا" او "ساحة الشهداء". يعبّر كل واحد عن رأيه بالأزمة، الأسباب والحلول، ويصف احمد ناجيا عملية رفع الدعم بـ"القنبلة الموقوتة ستنفجر بنا في اي وقت نحو المزيد من الانهيار والفقر المدقع والاحباط، فكل شيء سيرتفع سعره"، ويقول: "انا اعمل سائق شاحنة صغيرة تعمل على البنزين لنقل المفروشات ولم اعد قادراً على التحمل، لقد حجزوا اموالنا في المصارف، ورفعوا اسعار كل شيء والآن يسيرون بنا الى الجحيم الذي لا يرحم".
وتقول مصادر مطلعة لـ"نداء الوطن": "اللافت بل والغريب، هو رفع الدعم عن المازوت ولكنه ما زال غير متوفر بكميات كبيرة في السوق المحلي وحتى بالدولار الاميركي، بات يساوي تقريباً 12 دولاراً اميركياً، منشآت النفط لا تسلم الشركات بعدما حددت اولويات التوزيع على القطاعات الاكثر حاجة، نجحت بلدية صيدا بتزويد اصحاب المولدات بنحو 80 الف ليتر مازوت بالسعر الذي اقرته وزارة الطاقة على سعر صرف الدولار، بينما يتكرر المشهد ذاته مع البنزين، رفع الدعم وارتفعت الصفيحة على سعر المنصة 14 ألفاً، ولكن الطوابير على حالها".
وتقول سمر مكاوي: "استبشرنا خيراً بهبوط الدولار وتحسن الليرة اللبنانية، ولكن لم تكتمل فرحتنا وارتفع سعر صفيحة البنزين الى فوق الـ 200 ألف ليرة. سيارتي ذات الاسطوانات الـ 6 يعني عليّ ملء الخزان بمليون ليرة فكيف لنا ان نتدبر امرنا"؟ متوقعة "القيام بتحركات احتجاجية على الاقل لرفع الصوت الرافض، لا ان يمرّ الدعم من دون اي اعتراض". مقابل التساؤلات، بدأ فرع مصرف لبنان المركزي في المدينة بوضع بلوكات أسمنتية من الحجم الكبير عند مدخله الرئيسي لتعزيز اجراءات الحماية، خشية على ما يبدو من تحركات احتجاجية على ابواب رفع الدعم عن البنزين بالمطلق، والتوقعات بقيام المواطنين بتحركات احتجاجية رافضة. وقامت رافعة بانزالها منذ ساعات الصباح الاولى ووضعها بشكل متراص عند المدخل الرئيسي، علماً ان المصرف لم يقم بمثل هذه الخطوة حتى في ذروة التحركات الاحتجاجية بعد انتفاضة 17 تشرين العام 2019، حيث تعرّض لسلسلة تحركات احتجاجية لم تقتصر على الاعتصام امامه، بل وصلت الى محاولات اقتحام ورشق بالحجارة واضرام النار من الخارج.
وأكدت مصار أمنية لـ"نداء الوطن" ان "الاجراءات امام المصرف احترازية ولا تقارير او معلومات تشير الى احتمال حصول اي تعدّيات"، مشيرة في الوقت نفسه الى ان "التقديرات تتوقع اعادة اشتعال الشارع الشعبي رفضاً لرفع الدعم لان ذلك سيؤدي الى رفع اسعار كل شيء"، بينما يقول ابو فؤاد شامية: "إن مرّ رفع الدعم بلا حراك.. فسلام على حياة اللبنانيين".
المصدر| محمد دهشة - نداء الوطن| https://www.nidaalwatan.com/article/58199