صيدا مع تشكيل الحكومة: قليل من التفاؤل وكثير من التشاؤم ... وترقّب سياسي
لم تحرك مجموعات "صيدا تنتفض" ساكناً مع تشكيل الحكومة العتيدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، ليس من اجل اعطاء الحكومة مهلة للحكم عليها، بل استراحة قسرية فرضها الحزن والحداد على وفاة الشاب نديم سعد، نجل المناضل الوطني الراحل مصطفى سعد، وابن شقيق النائب اسامة سعد.
لم تتمكّن المجموعات الشعبية، وخاصة تلك التي تدور في فلك "التنظيم الشعبي الناصري" من الاجتماع لتقدير الموقف العام من التطورات او تقرير خطة المرحلة المقبلة، في ظل قناعة لا تخفى على أحد ويتشاطر فيها غالبية الصيداويين بأن الحكومة سياسياً كسابقاتها وكل ما تغير هو الوجوه والاسماء فقط، اما شكلياً فلم تضم بين اعضائها اي وزير من المدينة او حتى الجنوب كله، وعملياً تبقى بارقة الامل الوحيدة ان تملأ الفراغ في زمن الانهيارات والازمات المعيشية والاقتصادية المتلاحقة.
وتؤكد الناشطة في الحراك جمال عيسى لـ"نداء الوطن" ان غياب "ردة الفعل من مجموعات "صيدا تنتفض" على تشكيل الحكومة لا يعني اعطاءها مهلة للنجاح او الفشل، فالحراك فجع بوفاة الشاب نديم سعد، ولم نتمكن من الاجتماع، ولكننا في الايام القادمة سنلتقي ونقرر خطوات المرحلة المقبلة"، موضحة "في المبدأ لا شيء تغير سوى الاسماء والوجوه، ومثال على ذلك الطاقة على حالها كما المالية، حتى البيان الوزاري قد يكون نسخة منقحة عن سابقاته، باعتقادي انها حكومة انتخابات وستحاول جاهدة وقف الانهيار سريعاً وليس معالجة المشاكل من جذورها كما يتمنى الصيداويون خاصة واللبنانيون عامة بمختلف فئاتهم وطوائفهم ومذاهبهم ومناطقهم".
في عاصمة الجنوب يتأرجح المشهد الحكومي الجديد مع غياب الرئيس سعد الحريري بين معادلتي قليل من التفاؤل وكثير من التشاؤم، فالتجارب السابقة غير مشجعة، لكن امين سرّ"تجمع المؤسسات الاهلية" في منطقة صيدا ماجد حمتو يقول لـ"نداء الوطن": "حكومة افضل من الفراغ وتصريف الاعمال ولكننا لا نريد حكومة مكررة بوجوه جديدة، نريدها فاعلة وقادرة على تنفيذ برنامج اصلاحي واضح يوقف الفساد وينقذ البلد من الانهيار، فلم يعد امام اللبنانيين شيء يخسرونه، هم الآن في الحضيض، لذلك الحكومة مدعوة اليوم قبل الغد الى القيام بمهامها الكثيرة عبر خطط مستدامة عاجلة قصيرة الامد وطويلة والاهم قابلة للتنفيذ، وامامها تحديات جسام في مواجهة ازمة المحروقات، الامن الصحي والغذائي ووقف انهيار العملة الوطنية وتأمين الطاقة، ونتمنى ان لا يتفاجأ اللبنانيون بحكومة تزيد من احباطهم بدلاً من تحقيق التغيير".
في الشارع الصيداوي، تبدو الناس منشغلة بتأمين احتياجاتها اليومية من طعام وشراب وبنزين اكثر من اكتراثها بالحكومة، لم تعد تقوى على التحمل أكثر، بين الافلاس والاقفال واليأس والهجرة والبحث عن فرص عمل لتسد الرمق لا اكثر ولا اقل، وفق ما يقول الشاب مروان نسب "لقد انهيت تعليمي الجامعي منذ سنوات ولم أجد فرصة عمل، بدلاً من مساعدة عائلتي اصبحت عالة عليها، اليوم ابحث عن بصيص ضوء او خرم إبرة للهجرة، آسفاً على لبنان وشعبه وما جرى فيه نتيجة تراكم الفساد والسمسرات والصفقات وغياب خطط الاصلاح، نعم لقد وصلنا الى الحضيض والانهيار الكبير، فماذا ستفعل الحكومة؟ وهل بيدها عصا سحرية"؟
بعض الصيداويين لا يخفون العتب على عدم توزير احد من المدينة ولا يأملون بالتغيير الحقيقي، ويقول انيس حبلي: "لا أمل من هذه الحكومة اذا ظل المسار على نفس المنوال، لم يعلن الرئيس ميقاتي انه لن يرفع الدعم، لقد نزل الدولار وبقي كل شيء على حاله، فكيف الحال اذا رفعوه، هذه الحكومة ستقوم بالمهمة وستفقر الشعب اكثر، بدلاً من محاربة الاحتكار والجشع والغلاء".
وسط المشهد الشعبي، لفت الانتباه عدم تعليق القوى السياسية على تشكيل الحكومة حتى الآن، وخاصة "التنظيم الشعبي الناصري" ربما بانتظار بلورة الصورة اكثر، فيما موقف تيار "المستقبل" بدا واضحاً بدعم الحكومة الميقاتية ومنحها الثقة في مجلس النواب، بينما "الجماعة الاسلامية" غير الممثلة بالبرلمان بارك امينها العام عزام الايوبي للرئيس ميقاتي بتشكيل الحكومة "بعد المعاناة الطويلة التي عاشها اللبنانيون في تفاصيل حياتهم اليومية مع غياب حكومة مسؤولة ومتفاعلة مع معاناتهم واحتياجاتهم". وحدها بلدية صيدا بادرت الى تهنئة الرئيس ميقاتي بولادة الحكومة، واعتبر رئيسها المهندس محمد السعودي بإسمه وبإسم المجلس البلدي بأنها تحمل أملاً للبنانيين بأن تتصدى للأزمات المعيشية الراهنة، وتعمل على وضع خطط إنقاذ عاجلة تضع حداً لمعاناتهم اليومية وتخرجهم من جهنم"، آملاً في "أن تتضافر جميع الجهود من أجل أن تنجح الحكومة في تحقيق الإنقاذ المنشود".
المصدر| محمد دهشة - نداء الوطن| https://www.nidaalwatan.com/article/57490