مرض الرهاب - د. بدر غزاوي
-:"أنا شاب في الثاني و الثلاثون من عمري متزوج ولدي طفل واحد اعاني من حالة غريبة لم اعرفها من قبل حيث منذ سنه مضت توفى والدي ومنذ ذلك الوقت وانا لا اعرف ماذا حصل لي حيث كنت اعمل ثلاثة اعمال في اليوم ، فجأه انتهى كل شيء وها انا جالس في البيت لا اقدر على العمل. ينتابني نوع من الخوف من الخروج الى الشارع لوحدي و دائماً افكر في الموت واخاف ان اتواجد في الاماكن العامه لوحدي وتحدث لي حالة من النسيان والدوار الشديد واشعر اني سوف اقع ارضاً واسارع في الرجوع الى البيت. وانا في السيارة اشعر بدوار وتشنج في رقبتي من الخلف وشده في الاختناق وعدم القدرة على التنفس واشعر برغبة في التقيأ حيث تنقلب معدتي رأسا على عقب دون اي مبرر .وفي الطريق تتسارع دقات قلبي واشعر بأن الموت يقترب مني ومن يومها لم اخرج الى العمل ابداً واذا اخرج يجب ان تكون زوجتي معي او اي شخص اخر مقرب لي. وانا على هذا الحال ما يقارب من الى (5) اشهر. انقطعت عن الدنيا، التجأت الى الصلاة و الاستغفار من ربي وها انا اكتب والدموع تنهال اطلب من الله العون اولاً لعبور هذه المحنة واطلب مساعدتي فقد ضاقت بي الحياة ."
الحالة النفسية الواردة اعلاه حالة معروفة بال- (الفوبيا) Phobia أو ما يسمى بالخواف أو الرهاب، وهي نوع من القلق العصابي، ومن أنواعه المعروفة خواف الأماكن المفتوحة، او المرتفعة او المغلقة وخواف الوحدة،والرهاب الأجتماعي ... الخ، وهي لا تكتسب إلا في سن النضج والكبر. وهي على أي حال حالة عادية قابلة للعلاج خصوصاً أن هذه الحالة سواء من خلال ما وصفت لا تدل على خطورة بالغة كبعض أنواع الخوافات المعقدة. ولكن يجب المعرفة أن الأمراض النفسية اليوم تضاف لحالات فرضية طبية تعالج من خلال الطب والأطباء المختصين. نعم، الدعاء له دور كبير في شفاء المريض. سواء بالعناية التي تشمله من قبل الله تعالى، وهو الشافي، أو بواسطة الطمأنينة التي يجلبها ذكر الله تعالى للقلب مما يساعد كثيراً في نجاح العلاج وتجاوب نفس الإنسان للشفاء، ولكن على الأنسان ان يسعى الى الأطباء ايضا" لكي يكون قد " عقل وتوكل". إذن مراجعة الطبيب بأسرع ما يمكن ليس عيبا" او وصمة، لأن الحالات النفسية كالحالات الجسدية، وسائر الأمراض الأخرى باتت اليوم إحدى سمات العصر، إذ يراجع الأطباء النفسانيين سائر الطبقات بما فيهم رؤوساء دول وحكومات وكبار الأثرياء والملاكين والعلماء والمتعلمين وكثير من الأدباء والفنانين، إضافة إلى الناس العاديين. ويجب التأكيد ان حماية الأسرة مهم جداً خصوصاً في المراحل الأولى، فمن الجيد أن ترافق المريض الزوجة أو أحد الأولاد إلى الأماكن العامة حتى يأنسها المريض ثم يألف التوجه اليها بمفرده.وهناك كثير من الأدوية الحديثة التي تشعر المريض بالثقة والأرتياح. ولكن الأهم ان لا يبقى المريض أسير خوف الموت او الخوف من كارثة محدقة لابد ستقع، بينما الواقع لا يشير الى اي من ذلك.