الشهاب والوظيفة والوجدان!

إن الموظفين جهاز الدولة فهم الذين يقومون بمهامها ويديرون حركتها ويتولون إيفاء الخدمات العامة بما يعود نفعه في النهاية على الوطن!
فمن الضروري أن يعدّ الجهاز التوظيفي لتحسن الحركة، وأن يكون الموظفون رجالاً أكفاء قادرين على الاضطلاع، بما نيط بهم، يدركون تبعة أعمالهم، ويقدرون موقفهم من الوطن، وواجبهم نحوه!
لذلك وُضعت في قوانين الدول شروط وأنظمة لتعيين الموظفين، فيُختار من الشباب الموظف للقيام بما انتدب له.. فلا يستغل وظيفته للتطفل على المواطنين والتبجح على بنيهم، و تعقيد أمورهم؟ لغايته؟؟
وأنا لا أزيد علماً من أن يكون مثل هذا قد هبطت فيه مدارج الحضارة؟ وتكالبت عليه حوادث الدهر؟ فأمسى لا عقيدة لديه؟ و لا إيمان؟؟ و لا ضمير عنده؟ و لا وجدان؟؟.. لا إنسان؟
مثل ذلك، مثل الجسد إذا ضعف ووهن تشتد عليه العلل فتهاجمه الأوبئة من الداخل ومن الخارج! و تلحق بذرّيته؟
وهذا إن لم يؤول إلى شيء إلاَّ إلى عرقلة الأعمال لكفى بها سوءاً وضرراً وفساداً؟
إن أكثر شبابنا اليوم الذين يتخرجون من المدارس ناطوا آمالهم بالوظيفة حتى ما يكاد أحدهم يفكر في مهنة حرة، وكأنما فهموا من المدارس (مصانع الوظائف) فهم لا يطلبون العلم لتثقيف النفس، وصقل الذهن، وتنوير البصيرة، وإنما يبتغونه وسيلة (لمنصب وظيفي) يجدون فيه الراحة في العيش والرفاه، ثم عندما يرون الوظائف توكل إلى غير مختص؟ وتسند إلى غير كفء؟ تنهار آمالهم؟ وتظلم الدنيا في أعينهم؟ ويخرجون إلى البطالة.. وهذا ما أسميه بأزمة الشباب المثقف وهذا ما تعانيه البلاد؟
وترجع هذه الأزمة إلى أسباب يمكننا بقليل من العناية والإصلاح أن نأتي عليها فنسدي خدمة لا يقدرها حق إلاَّ ذووا الأبصار النافذة.. وتبعة لذلك ترجع على المصلح، فهو الذي يجب عليه أن يوضح سبيل الطالب ويمهد له الطريق إلى الحياة العملية، حتى إذا خرج من المدرسة لم يلق نفسه منقطعاً كأنه في عالم جديد لا يتصل بعالم المدرسة في شيء؟؟
وكذلك عدم تنشيط المصانع والمعامل و المؤسسات فتغلق الأبواب في وجوه الطالبين للعمل؟؟ وإتباع قاعدة (الأقربون أولى بالمعروف) في تعيين الموظفين و(تشمل كلمة الأقربين) –هنا- الحاشية والأنصار ويا ليتهم يجرون على هذه القاعدة مع مراعاة الكفاءة؟ والجدارة؟ ذلك أن الوظيفة أمانة بإدراك! تبعة للعمل الوظيفي بالوجدان المسلكي أو الشعور بالواجب ليقوم الموظف بعمله بكل إخلاص فلا يتخذ الوظيفة مكسباً وجاهاً بل عملاً كسائر الأعمال تصلح فيها النية، وتخلص لها الجهود، وبذلك تدار أمور الدولة بغيرة وإخلاص شديدين كما يدير الإنسان عمله الخاص ويحرص على نجاحه!
فإذا سُلك هذا السبيل المعقول في إختيار الموظفين وكان كل موظف متحلياً بهذا الوجدان المنشود.. تقَّل مصاريف الخزينة. وتحسن أعمال الوطن!
@ المصدر/ المربي الأستاذ منح شهاب - صيدا