هنادي العاكوم البابا: الإبن البار
المصدر/ بقلم هنادي العاكوم البابا - ضمن سلسلة حكايات من هذا الزمان:
أيها القراء الأعزاء
تحية طيبة وكل عام وأنتم بألف خير.
... وبعدما قرأنا عقوق الأبناء في قصّتي " العم صالح " و" النهاية الأليمة "؛ كان حريّاً بنا أن نسلّط الضوء أيضاً على الشّقّ المُشرق في علاقة الأبناء بالآباء والأمّهات والمُتجسّد "بالبرّ " الذي يُحيي فيهم الأمل بالحياة ليكون للشيخوخة طعم وميلاد بمعنى ً جديد ... وهذا ما سنقرأه بإذن الله تعالى بين سطور حكاية : " الإبن البار " ... كي يكون نموذجاً يُحتذى به في كلّ بيت ... في كلّ منزل ... وفي كلّ داااااااار .
"الإبن البارّ " .
حكايته ليست كباقي الحكايات ... بدايتها استفهام وآخرها يتطلّع إلى أصوب جواب ... سنقلّب سويّاً صفحاتها المُزدانة بأبلغ عنوان !!!! لنعيش قيمةً خُلّدت على مرّ العصور والأزمان !!!! .
... هل رأيتم يوما النور وهو يتولد من قلب الظلمة ؟ وهل شعرتم بخلجات قلب وهو يستلهمها من جروح الغمّة ؟ هل حلمتم يوماً بالنجوم وهي تتراقص وتتلألأ أمام أعيننا وبريقها يخطف الأبصار ونحن نقطفها بأيدينا وكأنها ثمار ذهبية معلّقة على أغصان تتباهى بألوانها الزيتية ؟ هل تساءلتم للحظات لماذا نستجدي الفرحة بعيون دامعة من أشياء نفترضها أو من مشاهد خيالية ؟ لماذا لا نُحييها بداخلنا بسجايا وقيم غرسها الله في أنفسنا بفطرة سليمة ندية ؟ قيم لو أُزيل عنها الوشاح لزيّنت حياتنا ولمسحت عنها غبار الوساوس التي قيّدتها النفوس بذيول قاتمة حجبت عنا شعاعها وخلّفتها بين طيّات الزمن مهجورة مسلوبة الارادة مطويّة منسية ؟ قيم كقطرات النّدى التي توقظ الصباح بعد ليل طويل التحف بظلمة حالكة سوداوية ! وفاء ... إخلاص ... تضحية ومصداقيّة ! اختصرت نفسها بحرفين فيهما إنقاذ للبشرية ! حرفان قرنهما المولى بالوالدين كزاد لنفوز بالجنان العلية ! باء ثمّ راء ليتولّد البرّ بولادة فطريّة طبيعيّة ! برّ يجسّد الحبّ بطريقة عمليّة وفيّة ! حيث لا مكان للأفّ بين هذه الدرر السنية ! دُررُ برّ الوالدين التي لو جُمعت لمحت عين العقوق بحاء حيية بلسميّة ! فيعلم حينها الأبناء أنّ تأدية حقوق الوالدين واجب بل فرض أكرمهم به ربّ البريّة ! فتُثمرالسعادة بالبرّ في الدنيا تمهيداً للفوز بالحُلل النّرجسيّة ... .
... هذه الإستفهامية التي تنطق سجعاً كانت افتتاحية "العم زياد" حينما قصدتُ منزله لأتعرّف عليه ولأسمع منه قصّته الرائدة في برّ والدته بعدما ذاع صيته بين أهل قريته عن تفانيه في خدمتها حتى آخر لحظة في حياتها والى ما بعد وفاتها ... فكانوا يلقبونه " بالمُرضي " لكثرة ما كانوا يسمعونها وهي تتوّجه إليه بكلمات الرّضى بمقولتها المشهورة لديهم : " روح يا زياد الله يرضى عليك دنيا وآخرة " ... " الأرض تطلّعلك والسما تنزلّك " ... " ريتك تمسك التراب بين ايديك يصير ذهب " ... ! .
.... يااااااا لانبساط كلماته وسلاسة أحرفها وهي تتمايل وتنساب بغزارة وعذوبة لتعبّر ولو بالقليل عن تفانيه في حبّ أمّه ! وخدمة أمّه ! وبرّ أمّه! ...
والى اللقاء في الحلقة القادمة من قصّة :" الإبن البارّ " .

تطوير و برمجة: شـركة التكنولوجـيا المفتوحة مشاهدات الزوار 837789874
