جيل المستقبل يحتاج معلمًا مختلفًا
بقلم المربي الأستاذ كامل عبد الكريم كزبر
أذكر أنه في عام 2000 طلبتُ من جميع المعلمين تعلم استخدام الحاسوب، يومها رحّب بعضهم بالفكرة بحماس، بينما أبدى آخرون تذمّرًا وترددًا. وعندما بدأنا في تنمية مهارات الطلاب من خلال الأنشطة العلمية وتعليم الروبوتات والبرمجة وتنظيم المعارض العلمية والمشاركة في المسابقات المحلية والدولية، لاحظنا التفاوت ذاته بين من رأى في هذه الخطوات فرصة للتطوير، ومن اعتبرها ترفًا وعبئًا إضافيًا يستهلك وقت الحصص الدراسية التقليدية.
للأسف، لا يزال كثير من المعلمين حتى اليوم همهم إنهاء المنهج غير مبالين بما ترسّخ في عقل الطالب أو بما فهمه فعليًا. واليوم، ونحن نعيش تحوّلًا غير مسبوق بفعل الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية، يبرز سؤال مهم: كيف سيتعامل معلم اليوم مع هذه المتغيرات المتسارعة؟
إن مسؤوليتنا التربوية تحتم علينا أن نُعدّ جيلاً لا يكتفي بتلقي المعرفة، بل يمتلك القدرة على التعلّم المستمر، ويملك الأدوات والمهارات التي تمكّنه من مواكبة المستقبل بثقة وكفاءة.
فيا معلم اليوم، إذا لم تكن أنت الميسّر لطلبتك، والداعم لكل تطوّر، والمتابع لكل جديد، والمرن في طرائقك التعليمية، والخارج عن القوالب النمطية في تدريسك، فكيف ستقود طلابك نحو الغد؟
لقد تغير دور المعلم ولم يعد مصدرًا وحيدًا للمعرفة، بل أصبح موجّهًا ومُلهمًا ومحفّزًا على التفكير والإبداع. فالمستقبل لا ينتظر، والعالم من حولنا يتغير بسرعة مذهلة، والمخرجات التي نطمح إليها لن تتحقق إلا إذا غيّرنا نحن أنفسنا أولًا.
لنكن نحن القدوة في التعلّم المستمر، ولنخترق الجمود الذي يعيق التطوير، لنفتح أبواب فصولنا لكل ما هو جديد، ولنصنع من كل تحدٍ فرصة، ومن كل أداة رقمية وسيلة لبناء عقل ناقد وروح مبدعة.
فأنت اليوم لست مجرد ناقل للمعرفة، بل صانع مستقبل.