المختار محمد بعاصيري: جسر بين الماضي والحاضر في خدمة المجتمع

إعداد: إبراهيم الخطيب
في قلب مدينة صيدا، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، يبرز المختار محمد بعاصيري كشخصية استثنائية تجمع بين الخدمة العامة، والانتماء الوطني، وحماية التراث. لم يكن مجرد مختار يقتصر دوره على تصديق الأوراق الرسمية أو تقديم الخدمات الإدارية، بل تجاوز ذلك ليكون صوت الناس، ومستشارهم، وأحد رموز النسيج الاجتماعي. من صالونه المتواضع، الذي تحول إلى ملتقى للحوار، إلى مواقفه الراسخة في دعم القيم الوطنية والاجتماعية، يظل بعاصيري نموذجًا لرجلٍ وضع المجتمع قبل المصالح الشخصية.
مختارٌ في خدمة الناس: الجسر بين المواطنين والدولة
في زمنٍ أصبحت فيه الإجراءات الرسمية عبئًا على المواطن، يقف المختار محمد بعاصيري كحلقة وصل بين الأهالي والإدارة، يسعى إلى تبسيط المعاملات الرسمية، ومساعدة العائلات في شؤونها القانونية، وحل النزاعات بروحٍ أبوية وحكمةٍ مجتمعية. لكنه لم يكتفِ بهذا الدور، بل جعل من مكتبه ومن صالونه للحلاقة مكانًا تُناقش فيه القضايا المحلية، وتُطرح الأفكار، وتُبنى الحلول.
يقول أحد أبناء الحي:
"حين تدخل إلى مكتب المختار بعاصيري، تشعر وكأنك في بيتك، رجلٌ يستمع إليك قبل أن يوقّع أوراقك، ويبحث معك عن حلول قبل أن يضع ختمه على معاملاتك."
ويؤكد المختار نفسه على هذا النهج بقوله:
"يجب أن نتعلّم من هذا العمر ما شاهدناه وسمعناه من كل شرائح المجتمع، خاصة أن يكون لدينا الصبر لنستمع ونحلّل الحيثيات، ليكون دورنا دورًا إرشاديًا للمجتمع."
الوطنية في القلب: العلم اللبناني شاهدٌ على الانتماء
وسط الأزمات التي تعصف بالبلاد، يرفع المختار محمد بعاصيري العلم اللبناني في صالونه، لا كقطعة قماشٍ معلّقة، بل كرمز للوحدة والانتماء. فهو يرى في لبنان وطنًا يستحق أن يتكاتف الجميع من أجله، بعيدًا عن الانقسامات السياسية والطائفية.
وفي أحد لقاءاته الإعلامية، قال بصوتٍ واثق:
"نختلف في الرأي، لكن يجمعنا لبنان. إذا لم نحافظ عليه، فلن يبقى شيء نختلف عليه."
بهذه الكلمات، يلخص المختار رؤيته: الانتماء للوطن هو الأساس، والوحدة بين الناس هي السبيل للنجاح.
تعزيز الروابط العائلية: حين يصبح المختار أبًا للجميع
إلى جانب دوره الإداري، يحرص بعاصيري على تعزيز الروابط الاجتماعية، فيشارك بانتظام في الفعاليات العائلية والاجتماعية، مثل تلك التي تنظمها رابطة آل بعاصيري الاجتماعية الخيرية. يؤمن بأن المجتمع القوي يبدأ من العائلة المتماسكة، لذا يدعم أي نشاط يعزز صلة الرحم، والتواصل بين الأجيال، والحفاظ على القيم الأصيلة.
ويقول في إحدى الجلسات العائلية:
"حين نفقد ترابطنا الأسري، نفقد هويتنا. المجتمع القوي لا يُبنى بالأوراق والمعاملات، بل بالمحبة والاحترام والتواصل."
ويضيف في تأكيده على أهمية الأخلاق والتربية:
"تعلّمنا الكثير؛ فالحكمة هي حكمة الكبار، والديناميكية هي ديناميكية الشباب، كي نبني مجتمعًا شعاره التربية، والأخلاق، والإيمان، والعلم. زرعوا فأكلنا، ونزرع فيأكلون."
الشباب والتعليم: الاستثمار في المستقبل
لطالما كان المختار مدافعًا عن حق الشباب في التعليم والتطوير، حيث يرى أن بناء المستقبل يبدأ من تمكين الأجيال الصاعدة، ومنحهم الفرص التي تتيح لهم تحقيق طموحاتهم. يؤكد مرارًا أن التعليم ليس مجرد شهادة، بل سلاحٌ لمواجهة التحديات، وطريقٌ للخروج من الأزمات.
وفي إحدى المناسبات، قال بحزم:
"نحن بحاجة إلى جيلٍ مثقفٍ، قادر على حمل مسؤولية المستقبل. دعم الشباب ليس خيارًا، بل واجبٌ على كل من يريد الخير لهذا الوطن."
صالون الحلاقة: ملتقى الحوار قبل أن يكون مكانًا للتجميل
قد يظن البعض أن صالون الحلاقة هو مجرد مكانٍ للعناية بالمظهر، لكن في حالة المختار محمد بعاصيري، يتحوّل هذا المكان إلى منتدى للنقاش، ومنبرٍ مفتوحٍ للحوار. هنا، حيث تمتزج أصوات المقصات بحديث السياسة والمجتمع، وتناقش القضايا المحلية كما يُناقش أحدث قصّات الشعر!
يقول أحد زبائنه:
"أذهب إليه ليس فقط للحلاقة، بل لأستمع إلى الأخبار، وأناقش قضايا الحي. إنه أكثر من مجرد صالون، إنه جزء من صيدا نفسها."
المختار في الإعلام: صوتٌ يتحدث باسم الناس
لم تقتصر تأثيرات بعاصيري على مجتمعه المحلي، بل امتدت إلى الإعلام، حيث شارك في العديد من اللقاءات التلفزيونية، أبرزها عبر "كلام مختار"، حيث يطرح قضايا المجتمع، ويسلط الضوء على مشاكل الناس، ويوجه رسائل تحفيزية وتوعوية تسهم في نشر الوعي والمسؤولية المجتمعية.
صيدا في قلب المختار: رؤية للمستقبل
لا يخفي المختار محمد بعاصيري عشقه لمدينته، فهو يعتبرها أكثر من مجرد مكان للعيش، بل هوية وانتماء. يقول بكل فخر:
"صيدا هي أمي. أريدها أجمل، وأنظف، وأرقى المدن، لأنها مدينتي وأمي."
نموذجٌ يُحتذى به في صيدا وخارجها
ما يجعل المختار محمد بعاصيري شخصيةً استثنائية هو أنه لا يرى منصبه كسلطة إدارية، بل كرسالةٍ إنسانية واجتماعية ووطنية. استطاع أن يكون المختار الذي يدمج بين الرسمي والاجتماعي، بين الحرفة والخدمة العامة، بين الأصالة والتجديد.
وفي زمنٍ أصبحت فيه المصالح الشخصية تغلب على العمل المجتمعي، يبرز سؤالٌ مهم:
هل نحتاج اليوم إلى مزيدٍ من الشخصيات التي تجعل خدمة المجتمع أولويتها الأولى؟