من هو محمد أورنغزيب المكلف بإصلاح الاقتصاد الباكستاني؟

Muhammad Aurangzeb, former chief executive officer of Habib Bank Ltd., and the newly appointed finance minister of Pakistan, speaking in Karachi, Pakistan, on Tuesday, November 5, 2019 [FILE: Asim Hafeez/Bloomberg via Getty Images]
باعتباره مصرفيا محنكا ودخيلا على السياسة، يواجه أورنغزيب مهمة دقيقة تتمثل في إخراج باكستان من محنتها الاقتصادية (غيتي)

إسلام آباد- حظي تعيين محمد أورنغزيب وزيرا للمالية في باكستان باهتمام كبير، في خضم وقت عصيب في المسار الاقتصادي للبلاد. وباعتباره مصرفيا محنكا ودخيلا على السياسة، يواجه أورنغزيب مهمة دقيقة تتمثل في إخراج باكستان من محنتها الاقتصادية.

ويسلط صعود الرجل إلى هذا المنصب الحساس في ظل حكومة رئيس الوزراء شهباز شريف الضوء على مدى إلحاح وخطورة التحديات التي تواجه الاقتصاد الباكستاني.

خلفية أورنغزيب وخبرته

أتى أورنغزيب إلى الوزارة بسجل طويل من المؤهلات العليا والخبرات الكبيرة في مجاله، فهو يحمل شهادة من كلية وارتون المرموقة لإدارة الأعمال في جامعة بنسلفانيا الأميركية.

ويتضمن مساره المهني فترات بارزة في عمالقة الخدمات المصرفية الدولية مثل سيتي بنك وجيه بي مورغان، وبلغت ذروتها في دوره القيادي في بنك حبيب المحدود (HBL)، أحد أكبر البنوك التجارية في باكستان.

وجعلت هذه الخبرة الواسعة في مجال التمويل العالمي من أورنغزيب خيارا عمليًّا لقيادة جهود الإنعاش الاقتصادي في باكستان. ومن الجدير بالذكر أن أورنغزيب يسير على خطى أسلافه مثل شوكت عزيز وشوكت تارين، وكلاهما ينحدران أيضًا من خلفيات مصرفية.

الروبية الباكستانية انخفضت بأكثر من 50% في العامين الماضيين، ما انعكس كثيرا على حياة المواطنين (رويترز)

التحديات والأولويات الفورية

ويأتي تعيين أورنغزيب في وقت تواجه فيه باكستان عددا لا يحصى من التحديات الاقتصادية. ويؤكد انتهاء برنامج القروض الحالي لصندوق النقد الدولي على الحاجة الملحة لإعادة التفاوض.

ومع ما يزيد على 130 مليار دولار من الديون الخارجية، وكان من المقرر أن تسدد باكستان 24 مليار دولار بحلول يونيو/حزيران المقبل، لكنها تمكنت من الحصول على بعض التخفيف من الدائنين من خلال عمليات إعادة جدولة الديون، ولكن يتعين على البلاد الآن أن تدفع ما يقرب من 5 مليارات دولار قبل يونيو/حزيران المقبل.

ومع انخفاض قيمة العملة بأكثر من 50% في العامين الماضيين، ارتفع التضخم، إلى ما يقرب من 40% في عام 2023، مع زيادة سريعة في تعريفات الطاقة وكذلك أسعار السلع الغذائية الأساسية.

النهج الإستراتيجي لأورنغزيب

ويشير تعيين أورنغزيب إلى التزام الحكومة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة بشدة، حتى في مواجهة ردة الفعل السياسية المحتملة، حيث تغرس خلفيته في التمويل العالمي الأمل في المشاركة العملية والإستراتيجية مع صندوق النقد الدولي، مع إعطاء الأولوية للاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل وعلى المكاسب السياسية على المدى القصير.

وخلافا للساسة التقليديين، فإن عدم انتماء أورنغزيب إلى أي حزب سياسي يقدم له ميزة فريدة من نوعها، الأمر الذي يسمح له بالتركيز على السياسات التي يقودها الإصلاح بدلا من الاستسلام للضغوط السياسية.

ورغم أن الخبرة المصرفية التي يتمتع بها أورنغزيب لا يمكن إنكارها، فقد أثار بعض الاقتصاديين المخاوف بشأن مدى ملاءمته لمنصب وزير المالية. وهم يتساءلون عما إذا كان خبير الاقتصاد الكلي مجهزا بشكل أفضل للتعامل مع تعقيدات المشهد الاقتصادي في باكستان.

علاوة على ذلك، هناك شكوك باقية حول فهم أورنغزيب لعمليات الإصلاح الطويلة الأمد وتوازن الاقتصاد الكلي. ومع ذلك فإن منظوره الجديد والتزامه بإصلاح السياسات الاقتصادية يقدمان بصيصا من الأمل في النهضة الاقتصادية في باكستان.

Karachi, Pakistan - April 03, 2023: Pak Rupees Bank Notes with US Doller. Business and Finance Concept
باكستان مدينة بما يزيد على 130 مليار دولار من الديون الخارجية (غيتي)

خبراء يتحدثون

ويرى ساجد أمين جاويد، وهو خبير اقتصادي كبير مرتبط بمعهد سياسات التنمية المستدامة في إسلام آباد، أن تعيين أورنغزيب يمثل إشارة إيجابية لالتزام الحكومة بالإصلاح الاقتصادي.

ويعتقد جاويد أن خبرة أورنغزيب وافتقاره إلى الخبرة السياسية من الممكن أن تمهد الطريق لمشاركة أكثر تركيزا وتوجيها نحو الإصلاح مع صندوق النقد.

فيما يؤكد الخبير الاقتصادي خورام شهزاد المقيم في كراتشي أهمية رؤية أورنغزيب وتفكيره طويل المدى. ورغم اعترافه بالخبرة المصرفية التي يتمتع بها أورنغزيب، فإن شهزاد يشير إلى أن المفتاح لا يكمن في خلفية وزير المالية، بل في النهج الإستراتيجي الذي يتبناه في التعامل مع تنشيط الاقتصاد.

بينما يقدم عمار حبيب خان، وهو خبير اقتصادي آخر مقيم في كراتشي، منظورا دقيقا، يسلط الضوء على الحاجة إلى التوازن بين الفطنة المصرفية وفهم الاقتصاد الكلي.

ويبشر تعيين محمد أورنغزيب وزيرا للمالية بفصل جديد في رحلة التعافي الاقتصادي في باكستان. ومع التحديات الهائلة التي تنتظره، بما في ذلك إعادة التفاوض على اتفاقيات صندوق النقد ومعالجة الديون المعوقة، فإن قيادة أورنغزيب سوف تخضع للاختبار.

ومع ذلك، فإن خبرته المصرفية الواسعة والتزامه بالسياسات التي يحركها الإصلاح تضعه كمنارة للأمل وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي في باكستان.

المصدر : الجزيرة