فلسطينيو الضفة بين "الذئب الأزرق" و"الأحمر" وتطبيقات "مراقبة وقتل"

SAN FRANCISCO, CALIFORNIA - MAY 14: A video surveillance camera hangs from the side of a building on May 14, 2019 in San Francisco, California. San Francisco could be the first city in the United States to ban facial recognition technology by police and city agencies. The San Francisco board of supervisors will vote on the measure today. Justin Sullivan/Getty Images/AFP== FOR NEWSPAPERS, INTERNET, TELCOS & TELEVISION USE ONLY ==
الجيش الإسرائيلي يستخدم أدوات متطورة لمراقبة الفلسطينيين (الفرنسية)

على الزوايا الأربع لسطح منزلها في الخليل بالضفة الغربية المحتلة، أربع كاميرات دوارة ترصد "أي حركة لنا"، وفق ما تقول أم ناصر، معتبرة أن هذه المراقبة المعززة بالذكاء الاصطناعي أصبحت "أصعب" منذ بدء الحرب، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

واستعرضت الوكالة حياة الفلسطينيين في الضفة في ظل تكنولوجيا المراقبة، حيث تقول أم ناصر الفلسطينية البالغة 55 عاما والتي تسكن على مقربة من حاجز أبو الريش، وهو موقع يشهد مواجهات عنيفة متكررة في مدينة الخليل بين القوات الإسرائيلية وفلسطينيين "تعبتُ نفسيا".

ويفصل هذا الحاجز الشوارع الفلسطينية عن الجيوب التي يعيش فيها مستوطنون في البلدة القديمة التي تضم موقعا مقدسا متنازعا عليه يُعرف عند المسلمين بالمسجد الإبراهيمي وعند اليهود بكهف البطاركة.

ويحرس الموقع عشرات الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح والعديد من كاميرات المراقبة التي تعتبرها أم ناصر تدخلا خانقا. وتقول "قررنا أن نضع خشبا حتى نحافظ على شيء من الخصوصية، جاء الجيش وكسر كل ما كان موجودا على السطح وأزالوا الخشب".

وتضيف: "في إحدى المرات أخذ الجيش بطاقاتنا الشخصية وقالوا لنا سيتم إدخال بصمة الوجه لكل أفراد العائلة، لكن لا نعرف ماذا حصل بعدها".

أما شاي كوهين -وهو مستوطن إسرائيلي يبلغ 23 عاما- فيقول إن الكاميرات "تساعدنا كثيرا" على الشعور بالأمان.

وتفخر إسرائيل بصناعتها السيبرانية الرائدة وأنظمة تكنولوجيا المراقبة والأسلحة المتطورة التي تصنعها. وبينما تستخدم العديد من المشاريع المدنية تقنية التعرف على الوجه، يستخدم الجيش الاسرائيلي أدوات أخرى متطورة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، بحسب الوكالة.

المعابر الإسرائيلية مغلقة أمام العمال الفلسطينيين. الظاهرية - الخليل- معبر ميتار- أرشيف الجزيرة نت-
نظام "ريد وولف" (الذئب الأحمر) برنامج مدمج مع نقاط التفتيش (الجزيرة)

 ذئب أزرق وأحمر  للمراقبة الآلية

ومن بين تلك الأدوات تطبيق "بلو وولف" (الذئب الأزرق) الذي يستخدمه الجنود لتصوير وجوه الفلسطينيين بهواتفهم، قبل مقارنة الصور في قاعدة بيانات تشير إلى ما إذا كان الشخص مطلوبا أم لا.

وتوضح صوفيا غودفرند -وهي طالبة دكتوراه متخصصة في الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان- أن هذا النظام جزء من "إستراتيجية احتلال بدون احتكاك" ينتهجها الجيش الإسرائيلي، و"تستند إلى تكنولوجيا المراقبة الآلية التي غالبا ما تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتهدف إلى تقليل التفاعل" بين الجنود والفلسطينيين.

ونُشر نظام "ريد وولف" (الذئب الأحمر) في العام 2022، وهو برنامج مدمج مع نقاط التفتيش، وفق ما أظهر تحقيق لمنظمة العفو الدولية في مايو/أيارالماضي.

ويروي الناشط الحقوقي عيسى عمرو أن "الجنود يعرفون حتى قبل وصولي إلى الحاجز أنني أحمر أي أُشكل تهديدا.. وهو ما يُعد إذلالا إضافيا، إذ إن صورنا تلتقط بدون موافقتنا، ولا نعرف كيف تستخدم البيانات".

كما أعلن الجيش في نهاية 2022 أنه يختبر نظام مراقبة مزودا بأدوات لمكافحة الشغب طورتها شركة "سمارت شوتر" الخاصة. ويمكن لهذا النظام الذي يُتحكم فيه عن بعد؛ أن يطلق طلقات نارية غير مميتة، بحسب الجيش.

وتذكر الوكالة أنها حاولت التواصل مع الجانب الإسرائيلي لمعرفة آلية عمل نظام المراقبة الذي طورته سمارت شوتر، ولكن الجيش الاسرائيلي لم يعط أي إجابات.

القدس-المسجد الأقصى - صلاة الجمعة 5 يناير 2024 - خاص بالجزيرة نت
في القدس الشرقية  تطبق تقنية التعرف على الوجه خلال التظاهرات تحديدا (الجزيرة)

قلق من استخدام التكنولوجيا للقتل

وترى مجموعة "بريكينغ ذي سايلنس" المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، أن هذا التشغيل الآلي لتقنيات المراقبة "يزيد الفاعلية"، مما "يسهل للاحتلال" عمليات المراقبة على حساب "تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم".

ويقول عادل المدافع عن حقوق الإنسان والذي يستخدم اسما مستعارا بسبب مخاوف أمنية: "الهدف من هذا النظام هو بث القلق والخوف، فنحن يُدقق في سلوكنا وتحركاتنا، وهناك أيضا نظام يقوم بمسح لوحات أرقام سياراتنا".

ويعيش عادل في القدس الشرقية حيث تطبق تقنية التعرف على الوجه خلال التظاهرات تحديدا، على حد قوله.

ويروي أنه "في أحد الأيام أثناء عملية تفتيش، ظهرت صفحات كاملة من البيانات على الجهاز اللوحي" الذي كان الجنود يستخدمونه، ويضيف أنهم "ذكروا لي عملية توقيف تعرضتُ لها قبل سنوات برّأني منها القضاء".

ويتصاعد التوتر في الضفة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يوم أطلقت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عملية طوفان الأقصى على إسرائيل وما تبعها من غزو إسرائيلي لقطاع غزة أسفر عن مقتل 27585 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.

وفي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أُطلقت اتهامات باستخدام الجيش الإسرائيلي تقنية التعرف على الوجه في غزة. فقد أظهرت مقاطع فيديو حشودا من الفلسطينيين يفرون جنوبا عبر بوابات نصبها الجيش، وأفادت وكالة أنباء "وفا" الفلسطينية بوجود كاميرات "ذكية" في باحة مستشفى الشفاء.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه "ينفذ عمليات أمنية واستخباراتية" في إطار الحرب. وكانت إسرائيل تتحدث في الماضي عن أنظمة تشغيل آلي لمسيرات وسيارات رباعية الدفع للقيام بدوريات على طول الحدود مع قطاع غزة.

وخلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، دمّر مقاتلو حماس على السياج الفاصل أنظمة كاميرات ورشاشات تطلق النار بتشغيلها عن بعد.

المصدر : الفرنسية