صيدا سيتي

لامست صيدا الانفجار الاجتماعي، انتفضت على واقعها المزري من دون الذهاب الى الفوضى او التخلي عن الدولة، وقد لف رجع صدى وجعها وغضبها أرجاء المدينة وشوارعها وساحاتها بمختلف أطيافها، تكامل الاستنفار السياسي مع التحركات الشعبية، رفعت صوتها للمطالبة بحقوقها الخدماتية على قاعدة الحفاظ على مؤسسات الدولة ومنع المساس بها، بعدما حاول عدد من الغاضبين الدخول الى شركة كهرباء لبنان وسراي صيدا الحكومي.

في المشهد الصيداوي اليومي، كانت الكلمة لغضب الناس التي تئنّ تحت ضنك العيش وتداعيات الازمات المعيشية والاقتصادية، بعنوان لا.. لا كهرباء ولا اشتراكات، لا بنزين ولا مازوت، لا دواء ولا غاز، وطوابير انتظار على أبسط الحقوق من المحطات الى الافران والحبل على الجرّار، غياب شبه كلي للدولة، احتكار التجار، الجشع، الاسواق السود والدفع بالدولار.

شعبياً، شهدت المدينة مسيرة غاضبة احتجاجاً على انقطاع الكهرباء والمحروقات وتردّي الأوضاع المعيشية بدعوة من "إرادة شعب"، حيث احتشد المئات من ابنائها عند محلة البوابة الفوقا، تقدّمها الأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور أسامة سعد وجابت شوارع المدينة، مروراً بساحة "النجمة" ومؤسسة كهرباء لبنان حيث نظمت وقفة احتجاج، حاول خلالها عدد من المشاركين الغاضبين الدخول الى مكاتبها، غير ان النائب سعد عمل على تهدئة روعهم طالباً منهم الحفاظ على مؤسسات الدولة، قبل ان تستكمل سيرها الى سراي صيدا الحكومي ووسط اجراءات مشدّدة لكافة القوى الامنية والعسكرية.

سعد خاطب المشاركين، قائلاً: "نحن هنا اليوم لنوجه الامور بالاتجاه الصحيح.. هذه المنظومة تريد الفوضى، وتريد للناس ان تتصادم مع بعضها، وهي تقوم بإدارة هذه الفوضى، نحن لا نريد الفوضى.. نريد الامن والاستقرار، نريد حقوقنا في الصحة والتعليم والسكن وفرص العمل والضمانات الاجتماعية والخدمات والكهرباء والمياه وفي كل الجالات"، مضيفاً: "اليوم نطلق صرخة لنصوّب الامور.. وعوضاً عن ان تتقاتل الناس في ما بينها بسبب الكهرباء وليتر البنزين وحبة الدواء وربطة الخبز والاحتكار بالاسعار.. نحن نريد ان نقول انه علينا تجميع طاقات شعبنا من اجل التوجه نحو مواجهة هذه السلطة والمنظومة الحاكمة التي اوصلت البلد الى هذا الوضع. وهذه المنظومة لن تنقذ البلد، بل إن الشعب اللبناني سينقذ نفسه من هذه الاوضاع التي يعيشها.. الشعب اللبناني بوحدته وارادته ووعيه سينقذ البلد.. لا تراهنوا عليهم.. لا تراهنوا على حكومة سيشكّلونها.. ولو كان بدها تشتّي كانت غيّمت.. وحدة شعبنا ووعيه واصراره على حقوقه سيوصلنا الى نتيجة.

أصوات موجوعة

صوت المشاركين في المسيرة مشحون بالغضب والاستياء، وقال خليل متبولي: "انقطاع التيار الكهربائي عن البيوت والمستشفيات والمؤسسات الصناعية والتجارية وغيرها يجعلنا نعيش خارج العصر، بل في الجحيم. نتحرك ونعتصم احتجاجاً على كل الجرائم البشعة التي ترتكبها المنظومة الحاكمة بحق هذا الشعب الرافض للظلم والإذلال، ومن بينها جريمة حرمان بلدنا من الكهرباء وتدمير مؤسسة كهرباء لبنان".

وقال الناشط سهيل الصوص لـ"نداء الوطن": "إنّ مسيرة اليوم انذار أخير قبل الانفجار، وهي استكمال للنضال الوطني لاستعادة الحقوق المسلوبة"، قبل ان يضيف بتأفّف: "اذا كان البعض ينتظر تشكيل الحكومة فالرهان خاسر وهو رهان على سراب ولن تقدّم خيراً، لان من يقوم بالتشكيلة نفس الطبّاخ مع تغيير اسم الطبخة، باعتقادي الحل هو آخر الدواء الكي ويجب محاسبة المنظومة الفاسدة ومن تثبت ادانته يجب معاقبته واعدامه بالمشانق وبالمقصلة".

وشددت الناشطة نسرين قبلاوي على ان "غضب الناس حتماً سينفجر في الشارع، لأن المسؤولين غير مبالين بعذاباتهم ولا بمعاناتهم وأبسطها الانارة.. اذ لا كهرباء ولا اشتراك والمازوت والبنزين بالقطارة، هو عقاب جماعي ولن نسمح لهم بتدميرنا ودفعنا نحو الهجرة، تحركنا من أجل أن تقوم مؤسسة كهرباء لبنان باستخدام كل طاقتها حالياً على الإنتاج (12 ساعة يومياً) وتوزيعها بالعدل على كل المناطق".

وقال الناشط محمد نجم لـ نداء الوطن": "إن الوضع مزرٍ والى الاسوأ، والهدف بات واضحاً، إخضاعنا ودفعنا للقبول باستمرار المنظومة الفاسدة بالحكم، واستمرار نظامها العاجز والفاشل لكن الشعب قال كلمته: لا للفوضى، لا للفتنة الطائفية، ولا للمنظومة الحاكمة. نعم لإنقاذ لبنان، نعم لإنقاذ المؤسسات العامة، نعم للوحدة الوطنية، نعم للتغيير السياسي".

إجتماع العلماء

روحياً، ترأس مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان اجتماعاً طارئاً لعلماء المدينة في دار الافتاء الاسلامية، بمشاركة مفتي صور واقضيتها الشيخ مدرار الحبال، خلص الى رفع الصوت ومطالبة المسؤولين بمعالجة المشاكل المتفاقمة وتأييد موقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بالاسراع بتشكيل حكومة وطنية، من أولى مهامها ايقاف الانهيار الحاصل على كل صعيد، تحميل المنظومة الحاكمة وعلى رأسها رئيس الجمهورية مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع المزرية، ودعوة مجلس الامن الفرعي الى الانعقاد الدائم والتدخّل السريع لفرض الأمنين الاقتصادي والاجتماعي بما تتطلبّه المرحلة من دون الذهاب الى الامن الذاتي، التأكيد على دور بلدية صيدا ومسؤولياتها في ادارة ازمة المحروقات وتوزيعها بعدالة على اصحاب المحطات والمستشفيات والافران والمرافق الاساسية في المدينة، الاسراع بافتتاح المستشفى التركي والتعاقد مع موظفين للقيام بالدور الذي انشئ من اجله بعيداً من المحسوبية والمحاصصة، التأكيد على الوحدة الوطنية والعيش المشترك ونبذ كل فتنة مذهبية او طائفية والحفاظ على الوحدة الوطنية والعيش المشترك والانفتاح والتلاقي مع الجميع".

المصدر | محمد دهشة - نداء الوطن | https://www.nidaalwatan.com/article/55595