صيدا سيتي

يبلغ الغضب الشعبي أوجه في صيدا وينذر بانفجار اجتماعي وشيك نتيجة تراكم الأزمات وتفاقمها بدلاً من معالجتها، ولكنّ اوساطاً صيداوية أكدت لـ"نداء الوطن" ان الامور لا تتّجه الى اي فوضى او تفلت أمني، فالتحركات الاحتجاجية التي يقوم بها عشرات المحتجين يومياً ما زالت تحت السيطرة وهي لا تعدو كونها فورة غضب، ناهيك عن ان هناك تناغماً سياسياً على التمسك بالدولة ومؤسساتها وأجهزتها الامنية بعيداً من اي أعمال تخريب او الأمن الذاتي.

ورصدت اوساط متابعة تطورات لا تؤشّر ميدانياً الى التفلّت او الفوضى بالرغم من قيام بعض المحتجين برشق بعض المؤسسات الرسمية بالحجارة ولا سيما فرع مصرف لبنان ومصلحة المياه وتكسير بعض زجاج نوافذها، اوّلها ان من يقوم بهذه التعدّيات هو عدد قليل وغير منضبط، خلافاً لقرار مجموعات "صيدا تنتفض" وارادة الشعب وسواهما التي تحرص على الحفاظ على سلمية التحركات الاحتجاجية من دون التعدّي على المؤسسات والاملاك العامة والخاصة او الاحتكاك مع القوى الامنية. ثانيها، قلّة الحشود في التحركات والتي تحمل ازداوجية غريبة وعجيبة بين الاستنكاف عن المشاركة وبين حجم الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي او اثناء شراء احتياجاتهم اليومية وسط تأفف واستياء من الغلاء وارتفاع الاسعار، وثالثها: بالرغم من استفحال الازمات المعيشية لم تتوافق كل مجموعات الحراك على برنامج تصعيدي موحّد وبقيت الساحات مفتوحة امام كل مجموعة وحتى كل ناشط للتعبير عن الرفض على طريقته الخاصة، ما يعني ان الحراك لن يشكّل اداة ضغط كبيرة لتحقيق المطالب سريعاً.

وسط القراءة، لم يتبدّل مشهد المدينة اليومي، بل ازداد ازمة وازدحاماً عند محطات الوقود التي فتحت ابوابها لتزويد المواطنين بالبنزين، ولكن طوابير الانتظار بقيت على حالها لساعات طويلة بالرغم من رفع سعر الصفيحة الى 61 الف ليرة لبنانية، فيما الغلاء طال كل شيء حتى أجرة السرفيس الذي سعّر كل واحد على هواه ووِفق ما يناسبه مخيّراً الناس بين الركوب من عدمه.

وتكرر مشهد قطع الطرقات الرئيسية والفرعية، وطال للمرة الاولى بعض الاحياء الشعبية في حي الصباح والزهور ودلاعة، على وقع اطفاء المولدات الخاصة "الاشتراك" عقب نفاد مادة المازوت، وسط مخاوف من ان تلامس الفاتورة نحو 600 الف ليرة لبنانية عن خمسة أمبير، ما يكبّد الناس المزيد من الاعباء المالية.

اضراب الادارة

توازياً، اتسعت دائرة تحرّكات موظفي القطاع العام بعد التزامهم بالإضراب العام ثمانية أيام متتالية حتى 9 تموز الجاري تلبية لدعوة الرابطة، مع تفاقم معاناتهم جرّاء الأزمات المعيشية والاقتصادية والصحية وغياب الحلول المجدية مع انعدام قيمة رواتبهم.

وتوقف موظفو سراي صيدا عن العمل واقفلوا مكاتب الإدارات، بينما استمرت مصلحة الصحة وفرع تعاونية الموظفين وقسم السجل العدلي باستقبال طلبات المواطنين كالمعتاد، حضر الموظفون لكن عملهم اقتصر على تسيير معاملات إدارية داخلية، اما رئيس النافعة في صيدا عمر وهبة فقرّر فتح ابواب الإدارة ساعتين استثنائياً لانهاء معاملات الإعفاء من الغرامات المتوجّبة لمواطنين على أن يلتزموا الإضراب التام بدءاً من اليوم.

وانضمّ المساعدون القضائيون في قصر العدل إلى قافلة المؤيدين للتحرّك فاعتكفوا عن العمل، وحضر موظف إلى الدائرة لتأمين حسن سير العمل في ما خصّ المهل القانونية والموقوفين والأمور الطارئة فقط، وتم الإعتذار عن استقبال المراجعات، أو عقد الجلسات، على أن ينسق العمل من خلال رئيس القلم لما تقتضيه الحاجة، إضافة إلى تقليص حضور الموظفين إلى مراكز عملهم من 50 في المئة إلى نسبة لا تتعدّى الـ 30 بالمئة من ايام العمل الرسمي.

انتظار مبادرة

في المقابل، اطلق مدير عام مؤسسة مياه لبنان الجنوبي الدكتور وسيم ضاهر صرخة استياء، دعا خلالها الى وقف الاعتداءات على املاك المؤسسة في صيدا ومنع اقتحامها وتخريب بعض الممتلكات وخلع الكاميرات ورشق المبنى بالحجارة، واصفاً هذه الاعمال كمن يطلق الرصاص على نفسه، قائلاً "نحن مؤسسة للمياه ولسنا مؤسسة منشآت نفطية او كهربائية ولا مؤسسة امنية واذا لم يتمّ تأمين الحماية لها فلن نستطيع العمل في اجواء كهذه".

وفي دردشة مع الاعلاميين خلال مؤتمر صحافي عقده في المؤسسة في صيدا، اوضح ضاهر انه ينتظر مبادرة من نائبي المدينة وفاعلياتها وقواها السياسية وبلديتها ومؤسساتها المحلية والمجتمع المدني لاعلان "ميثاق شرف" لمنع مثل هذا التعدّي، قائلاً "ان أهالي صيدا طيبون، وما يجري من تعدّيات غير مألوف لديهم، خاصة انها تطال مكاتب ادارية وليست مضخات مياه او آباراً"، مشيراً الى ان التقنين القاسي بالتيار الكهربائي وتوقف خط الخدمات يسببان مشاكل بين الحين والآخر "ونعمل على تأمين البديل ضمن الامكانيات المالية المتوفرة".
المصدر| محمد دهشة - نداء الوطن| https://www.nidaalwatan.com/article/51563